المغرب – مصطفى بودغية
عَلى رَصيفِ الشَّوارِعِ الخالِيَة..آثارُ أَقْدامِ مَنْ مَرُّوا..وَرَحَلوا..وَما رحلَ صَدى الكَلام..
أَصْداءُ كَلامِهِمْ مُعَلَّقةٌ عَلى الجُدران..وَرَجْعُ الصَّدى يَجوبُ أَرجاءَ ذاكِرَةِ المَكان..
هَمَساتُ العُشّاقِ لا تَزالُ مُخَبَّأَةً في الزَّوايا المُظْلِمَة..خَوْفاً مِنْ سَدَنَةِ معابدِ تَحْنيطِ الأخْلاقِ والإنسان..
على حيطانِ الأَزِقَّة الخَلْفِيَة بَقايا مَنْشوراتٍ
ثائِرَةٍ..مَزَّقَتْها أَيادٍ مُخْبِرَة.. مُدَرَّبَةٌ على تَخريبِ
أَعْشاشِ الأَحْلام..
في هَذِهِ الشَّوارِعِ..أَحْلامٌ
عَبَرَتْ..أَنَّاتٌ انْكَتَمَتْ..أفْراحٌ مَلَأَتِ الْمَكانَ حيناً..وحيناً
غَمَرَتْه سُحُبٌ منْ أحزان..
في الشوارِع..عُيونً مِنْ
تَعَبِ..عيونٌ مُتَلَصِّصَةٌ..عُيونٌ شامِتَةٌ..عُيونٌ نمَّامَةٌ..وأُخْرى
تَتعَقَّبُ الهَمْسَ والكَلام..
في الشوارع..أجسادُ موتى..أجْسادٌ ممْلوكةً..أجسادٌ حُرَّةٌ متَمَرِّدةٌ..أجسادً مُتَرَهِّلةٌ..وأجْساد قدتْ من صخرٍ أوْ صَوان..
في هَذِهِ الشَّوارِعِ.. أرْواحٌ سَكَنَها صَهيلُ خُيولٍ جامِحَة..تضْرِبُ بِيدٍ في الأَرْضِ..وبِاُخْرى في الغَمام..
أَرْواحٌ مَزَّقَها الْحَنينُ لِزَمَنٍ قادِمٍ.. هَزَمَتِ الشَّقاءَ
بِفَرَحِها..رَوَّضَتِ الْفَرَحَ بِشَقائِها.. وحطَّمَتِ الوَهَنَ
بالعُنْفُوان..
في هذه الشَّوارع.. أَرْواحٌ رَحَلَتْ..وَما رَحَلَتْ ..بَرحَتِ المكان..وما بَرِحَتِ الكلام..
هَذِهِ الشَّوارِعُ….مَعبَرُ راحِلينَ إلى العَدَم..بَوَّابَةُ قادِمينَ
منَ العَدَم..تَجَلّي الزَّمَانِ في المكانِ..والمَكانُ ذاكِرَةُ الإنسان